كنعان - خاص
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات بمشاهد تسليم جثامين أربعة أسرى " إسرائيليين" قضوا مع أسريهم من رجال سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي _ فلسطين بقصفٍ نفذه جيش الاحتلال "الإسرائيلي" بهدف قتلهم وفق عقيدة "هانيبعل" – قتل الأسر والمأسور- ، لأجل أن لا يكون لدى المقاومة الفلسطينية أسرى يرضخ الاحتلال بموجبهم لوقف الحرب والتفاوض مع الفلسطينيين.
في المقابل حرصت المقاومة الفلسطينية الحفاظ على حياة الأسرى "الإسرائيليين" بشتى السبل، بهدف الوصول إلى اتفاقٍ يفضي إلى وقفِ حرب الإبادة "، وإطلاق سراح آلاف الأسرى القابعين في سجون الاحتلال، ومقابر الأرقام التي تضم جثث مئات الفلسطينيين الذين قتلهم وتحفظ على جثثهم طوال سنوات احتلاله إلى يومنا هذا ..
وبدت ازدواجية المعايير واضحة جلية في طريقة تعامل المؤسسات الدولية مع جثث الأسرى "الإسرائيليين" بإطفاء صفة الأنسنة عليهم من حيث الاهتمام بكامل التفاصيل، التي غابت كلياً أثناء طريقة التعامل مع جثث مئات الفلسطينيين الذين قتلهم الاحتلال وسلمهم عبر "كونترنات" بأكياس زرقاء بالية دون أي معلومات تدلل على هوياتهم، مما عزا إلى جهات الاختصاص الفلسطينية إلى دفن الكثير منهم في مقابر المجهولين ..
مشاهد تسليم جثث الأسرى "الإسرائيليين" في توابيت خشبية، وإن كانت تحمل العديد من الرسائل، إلا أنها عادت بذاكرة الكثير من الفلسطينيين إلى مشاهد نهش الكلاب الضالة لجثث مئات الشهداء الفلسطينيين من ذويهم الذين قضوا برصاص القناص "الإسرائيلي" والقصف العنيف الذي طال كل مقومات الحياة إبان حرب الإبادة ..
"الإعلام العبري" كعادته دأب البحث عن المشاهد التي يمكن من خلالها اللمز والطعن بأخلاقيات المقاومة الفلسطينية، التي شهد لها الجميع في تعاملها مع الأسيرات والأسرى "الإسرائيليين"، في المقابل كيف تعامل الاحتلال "الإسرائيلي" بطريقةٍ مُمنهجةٍ مع ا
لأسيرات والأسرى الفلسطينيين الذين خرجوا هياكل عظمية ينخر بجسدهم الهزيل المرض بسبب التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، وهم أسرى حربٍ مختطفين من بيوتهم وفق اتفاقية جنيف الرابعة والخامسة والبيان العالمي لاتفاقية حقوق الانسان واتفاقية عدم التعذيب، حيث شاهد العالم كيف يقوم قام وزير "إسرائيلي" بتعذيب الأسرى الفلسطينيين بيده ويفتخر أنه حرمهم من الطعام والشراب وأمر بتعذيبهم والاعتداء جنسياً عليهم، مما أدى إلى ارتقى أكثر من 87أسير فلسطيني عذبوا حتى الموت وهم مقيدين اليدين ومعصومين الأعين، في ظل غيابٍ واضح لدور لمؤسسات حقوق الانسان والصليب الأحمر والرقابة الدولية التي تحول لعابها إلى دموعٍ وهي التي صمتت صمت أهل القبور أمام الجرائم البشعة التي مارسها الاحتلال "الإسرائيلي" بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب والمسلمين ..
العجيب في حديث الإعلام العبري عن كرامة جثامين الأسرى "الإسرائيليين"، واصفاً طريقة تسليمهم بالقاسية، متجاهل حقيقة أن جيشه هو الذي قتلهم وقتل معهم آلاف الفلسطينيين، موقعاً أكثر من 17 ألف شهيد طفل، من مجموع نحو 48 ألف شهيد، ولا زال نحو عشرة آلاف شهيد محجوزةٍ جثامينهم تحت جدران منازلهم بانتظار دخول المعدات الثقيلة لانتشالهم وعدد من الأسرى "الإسرائيليين" من تحت الأنقاض ليتمكن ذويهم من دفنهم في قبورٍ تحمل أسمائهم ..
ويرجع تاريخ مقابر الأرقام إلى تأسيس حكومة الاحتلال "الإسرائيلي"، ولم يكشف منها إلا القليل، وتحوي هذه المقابر أيضا جثامين لشهداء عرب.
وتريد "إسرائيل" من "مقابر الأرقام" أن يكون الموت بداية معاناة وأداة انتقام وعقابا لأسر الشهداء، وورقة للتفاوض والمساومة، في انتهاك للقيم الإنسانية والقوانين الدولية.
وتعتبر مقابر الأرقام" إهانة لإنسانية البشر في حياتهم وبعد موتهم تستصرخ الضمير الإنساني والمجتمع الدولي بكافة مؤسساته للإفراج عن جثامين الشهداء، فمن العار أن يصمت المجتمع الدولي على تلك الإهانة والجريمة النكراء في ظل انعدام إنسانية هذا الكيان الصهيوني المستبد، وحرصه على معاقبة الفلسطيني والعربي حيًّا أو ميتًا بشكل يعبر عن حقده وإجرامه و عنصريته .
العديد من المراقبين الإعلاميين، أكد نجاح المقاومة الفلسطينية في إدارة ملف تسليم الأسرى "الإسرائيليين" الأحياء والأموات، في قلب الطاولة على "بنيامين نتنياهو" الذي يريد الإفلات من شروط اتفاقية وقف إطلاق النار، وعدم المضي بها قدماً، واضعةً إياه في حجر الزاوية، في دائرة الاتهام المباشر من جمهوره وواصفة أيديه ملطخة بالدماء، ومطالبيه الإسراع في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاقية وقف اطلاق النار لإطلاق سراح جميع اسراهم وهم أحياء وليس في توابيت ووقف الحرب التي لم يجنوا منها إلا الدمار والخراب لأجل الحفاظ على حكومته.. وفق تعبيرهم.
وقرر الجمهور "الإسرائيلي" تصعيد احتجاجاته ضد "نتنياهو" وحكومته لأجل الإسراع في إتمام المرحلة الثانية من الاتفاقية، حتى لا يعود أسراهم بتوابيت بنيران القصف "الإسرائيلي"، فنجحت المقاومة خرجت هذه المرة بكافة أذرعها من سرايا القدس والقسام وكتائب المجاهدين والشهيد أبو علي مصطفى، وشهداء الأقصى في صب الزيت على النار وتأليب الشارع "الإسرائيلي" عليه الذي اتهمه بالفشل في القضاء على المقاومة الذي ادعى أنه قضى عليها في خان يونس لتخرج إليه مدججة بسلاحه موحدةً كـ"البنيان المرصوص"، مما دفع العديد من وزرائه بضرورة الأسرع في تنفيذ الصفقة مهددين حكومته بالانهيار والسقوط ..