كنعان - حاص
في الوقت الذي يحتفي العالم باليوم العالمي للطفل، يرقد الطفل الفلسطيني غازي محمد أبو رمضان (12 عاماً) في ثلاجة الموتى، بعد أن قضى نحبه في قصف "إسرائيلي" لخيمة النزوح التي لجأ إليها وعائلته هرباً من نيران الحرب المستعرة في مدينة غزة قبل أكثر من عام.
وتقول والدته التي كانت في حالة بكاء شديد: "هربنا من مدينة غزة إلى مواصي خان يونس، التي صنفها الاحتلال كمناطق لجوء آمنة، ليتم قصفها وقتل فلذة كبدي".
وتابعت الأم حديثها المفعم بالألم: "استشهد ابني وهو يتضور جوعاً، فمنذ أسبوع لم نتناول الخبز الذي يمنع الاحتلال دخوله".
وارتقى عشرة مواطنين، بينهم خمسة أطفال، في قصف لطائرات الاحتلال "الإسرائيلي"، مساء اليوم الأربعاء، لمجموعة مواطنين بمنطقة العطار غرب محافظة خان يونس، التي تأوي أكثر من 400 ألف مواطن فروا من نيران الحرب المستعرة إلى المناطق التي صنفها الاحتلال كمناطق آمنة.
ويُقتل الطفل الفلسطيني في غزة بالقذائف الصاروخية والمدفعية الصهيوأمريكية بالآلاف. فمع دخول حرب الإبادة "الإسرائيلية" يومها الـ410، تواصل الطائرات الأمريكية الصهيونية قتلها للأطفال الفلسطينيين، فيما يعيش من بقي على قيد الحياة منهم في حالة خوفٍ وذعر وتشرد في خيم تفتقر لأدنى مقومات الحياة، تحت القصف "الإسرائيلي"، وشح شديد في الماء الصحي والطعام.
وعشية إحياء "يوم الطفل العالمي"، دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، في تدوينة على حسابها عبر منصة "إكس"، إلى "وقف فوري لإطلاق النار في غزة، ووصول المساعدات بشكل مستدام ودون عوائق". وتقول "يونيسف" إن "الأطفال في قطاع غزة يتعرضون لصدمات الدمار والهجمات المتواصلة والنزوح والنقص الحاد في الغذاء والماء والدواء".
وأضافت "يونيسف" أن "مشاهد القتل والدمار، في أعقاب الهجمات على مدرستي الفاخورة وتل الزعتر في قطاع غزة، التي أسفرت عن مقتل العديد من الأطفال والنساء، مروعة ومفجعة".
وكانت أديل خضر، المديرة الإقليمية لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قد دعت في بيان لها إلى "ضرورة وقف هذه الهجمات الفظيعة على الفور"، مشددة على أن "الأطفال والمدارس والملاجئ ليسوا أهدافاً عسكرية".
وتقول الأمم المتحدة إن القوات الإسرائيلية قتلت خلال أسابيع من حربها على قطاع غزة من الأطفال ما يفوق عدد الأطفال الذين قتلوا في 22 صراعاً مسلحاً حول العالم خلال أربع سنوات.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يواجه الأطفال في غزة شتى صنوف الإبادة، ويعانون من ظروف معيشية صعبة في خيام تفتقر لأبسط مقومات الحياة، في ظل شح المياه والطعام، وعدم تلقي التعليم والرعاية الصحية المناسبة.
ويصادف الأربعاء يوم الطفل العالمي الذي يحل في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، والذي أقرته الأمم المتحدة عام 1954، ليكون مناسبة عالمية لتعزيز الترابط الدولي وزيادة الوعي بشأن حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتحسين رفاههم.
واقع مرير
يعيش الأطفال في غزة واقعًا مريرًا، حيث قالت تقارير حكومية فلسطينية إن الأطفال والنساء شكّلوا ما نسبته 72% من إجمالي ضحايا الإبادة التي تشنها تل أبيب على القطاع.
في أحد مخيمات النزوح، يصطف عشرات الأطفال في صف طويل لساعات بانتظار وجبة من العدس أو الفاصولياء الخالية من اللحم، لعلها تسد رمقهم. وتقول الطفلة رضا غنيم (8 سنوات)، النازحة من رفح: "لم تعد الصواريخ وحدها تقتلنا، فالجوع اليوم يهددنا أيضًا".
بصوتٍ طفولي، تحدثت رضا عن حجم الوجع الذي يملأ صدرها قائلة: "متى ستتوقف الحرب؟ فلم يعد لي بيت أعود إليه، وأصدقائي في المدرسة استُشهد بعضهم، فيما البعض الآخر لا أعرف إن كانوا ما زالوا أحياءً، أو يعيشون في خيام النزوح، أو جرحى على أسرة المرضى".
وبلغة الطفولة، ناشدت العالم التدخل لوقف الحرب التي قتلت العديد من أهلها وجيرانها وأصدقائها، وقضت على كل شيء جميل في حياتها.
وعلى مقربة من الطفلة رضا، يقف العشرات من الأطفال النازحين والخوف يملأ عيونهم، جراء الإبادة "الإسرائيلية" والتطهير العرقي. يعانون من البرد القارس وانعدام أدنى مقومات الحياة.
رغم صغر سنها، تعبر رضا عن استيائها من الخذلان قائلة: "لا يوجد من يساندنا في ظل الحرب الإسرائيلية. نحن نجلس في خيمة، ولا نجد مكانًا آخر غيرها".
ليس بعيدًا عن الطفلة رضا، كانت تقف الطفلة نسمة (9 سنوات)، والحزن يملأ عينيها: "الحرب خطفت أبي من بيننا، ولم يعد هناك حضن دافئ أختبئ بين أحضانه عند سماع أصوات الصواريخ التي تتساقط علينا بلا رحمة".
تحلم الطفلة نسمة باليوم الذي تنتهي فيه الحرب، لتعود إلى مقاعد الدراسة وتكمل تعليمها، وتحقق حلم والدها الذي كان يناديها بـ"الطبيبة".
بمناسبة يوم الطفل، طالبت نسمة أطفال العالم بالضغط على حكوماتهم لوقف الحرب الدائرة على شعبنا الفلسطيني واللبناني، قائلة: "من حقنا نحن وأطفال لبنان أن نعيش بكرامة، بأمن وطمأنينة، أسوة بأطفال العالم".